أن تتخلى عن وظيفة مهمة براتبٍ خيالي، مقابل أن تعود إلى مهوى أسرتك وعائلتك، قد يكون ضرباً من الجنون، أو طيفاً من الخسارة، إذ ليس من السهل أن تجد نفسك أمام مرحلة عصيبة يحكم المجهول فيها قبضته، ومن ثم ترتهن إلى نوافذ الحظ التي لا تدري أيها ستفتح لك معبراً نحو الأمل وتأمين مستقبلك.
هل تخيلت الموقف السابق، بالطبع فإن الجواب سيكون «لا»؛ لأنه ليس معقولاً، ولكنه واقع عاش تفاصيله شخص عصامي، آمن بقدراته وإمكاناته، ومن قبلها بالله ثم برضا والده، لتقوده الأقدار لأن يتخلى عن وظيفته التي يتقاضى إزاءها راتباً يقارب نصف مليون ريال سنوياً، ويعود إلى حائل تلبية لرغبة والده.
تفاصيل شيّقة باح بها الرئيس التنفيذي التجاري وعضو مجلس الإدارة في شركة «جاهز» حمد البكر، خلال مشاركته في جلسة ثريّة لتبادل التجارب والقصص الملهمة ضمن فعاليات وورش العمل والجلسات الإرشادية لملتقى لقاءات حائل 2023 الذي ينظمه صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، إذ سرد البكر قصة الاستقالة من وظيفة يتقاضى منها 40 ألف ريال شهرياً، ويتجه إلى وظيفة لم يتحصل منها على أكثر من 6700 ريال شهرياً.
وتناول البكر، أهم محطات مشواره الريادي وكيفية تحويل الأفكار إلى مشاريع تجارية مربحة وشركات وطنية رائدة، إذ قال: «حين كنت على رأس العمل، مديراً لإحدى الشركات في الرياض وراتبي يتجاوز 40 ألف ريال، توجهت في إجازة لمدة شهر إلى حائل، وفي آخر يوم وقبل عودتي إلى العاصمة، بادرني والدي بسؤال: متى تعود إلى حائل؟».
وتابع: أجبت والدي حينها، وأبلغته أنني خلال الشهر التالي سأكون في حائل دون تفكير، وعندما عدت إلى الرياض توجهت إلى الشركة وتقدمت باستقالتي وأبلغتهم بقولي «الوالد طالبني هناك».
وأوضح أن بعد 4 أشهر تمت الاستقالة وذهب إلى حائل، ووجد وظيفتين متاحتين في الغرفة التجارية بحائل: «أمين»، و«نائب أمين»، وقال: عندما تقدمت على الوظيفتين، عارضني أحد الأشخاص مهوّلاً لي هاتين الوظيفتين لصعوبتهما علي بسبب صغر سني، وعرض علي وظيفة مدير إدارة اللجان في الغرفة براتب 6700 ريال، وبعدها وصفني البعض بالجنون لأنني تركت وظيفتي السابقة وقبلت بهذه الوظيفة، مؤكداً «أحد أهم أسباب نجاحي هو رجوعي لحائل».